الحارس أكثر من نصف الفريق

عانى منتخب الأرجنتين لسنوات طويلة من الغياب عن منصات التتويج على الجانبين القاري والعالمي رغم وفرة النجوم وكثرة الأسماء المؤثرة والكبيرة في عالم كرة القدم داخل كتيبة المنتخب الأرجنتيني، لكن دائماً ما يصطدم عشاق ومحبو «التانغو» بخروج مبكر أو إخفاق متكرر.
بعد حقبة مارادونا الذهبية تعاقب عدة نجوم على تشكيلة الأرجنتين لكن الإخفاق لازمهم لإنهم لم يوفقوا بحارس مرمى يصون مرماهم ويحفظ شباكهم ويجعلهم يضعون كامل تركيزهم على الانتصارات والانتصارات فقط، دون إخفاقات بين الخشاب الثلاث تهدر جهودهم وتنسف نتائجهم.
كان يتناوب على حماية مرمى منتخب الأرجنتين كل من سيرخيو روميرو تارة وفرانكو أرماني تارة أخرى، ولم يكن ديبو مارتنيز يحظى بالفرصة وكأنه في طي النسيان، وفي تلك الحقبة لم تكن الأرجنتين تعلم أنها تملك أحد أفضل حراس العالم وأكثرهم تأثيراً.
في عام 2021م منح مدرب الأرجنتين ليونيل سكالوني الفرصة لديبو للوقوف على خط مرمى منتخب بلاده مدافعاً عن ألوانه، ولا يمكن أن تجد قراراً لجميع مدربي الأرجنتين أكثر صحة من هذا القرار الذي شكل نقلة نوعية في مسيرة منتخب الأرجنتين.
هذا القرار ترتب عليه فوز الأرجنتين بنسختين متتاليتين من كوبا أميركا بعد غياب طويل امتد لـ18 عاماً على التوالي، نسختي 2021 و2024 حققتها الأرجنتين وسط تألق حارس مرماها ديبو مارتنيز الذي لم تستقبل شباكه سوى هدف واحد طوال نسخة 2024م، وحصل في البطولتين على أفضل حارس في البطولة.
هذه الإنجازات لا تشكل شيئاً في تأثير مارتنيز على الأرجنتين لأنه قاد منتخب بلاده إلى تحقيق كأس العالم 2022م التي أقيمت في قطر، بفضل الله ثم تصدياته الحاسمة وتركيزه العالي وحسمه عدداً من المباريات ومنها مباراة ربع النهائي أمام هولندا التي انتهت بركلات الترجيح وكان بطلها مارتينيز، ولن ينسى العالم تألقه في نهائي كأس العالم وتصديه الحاسم لانفراد منتخب فرنسا في الدقيقة 120 من نهائي كأس العالم وكيف كان هذا التصدي بمثابة البطولة للأرجنتينيين الذين قادهم ديبو في ركلات الترجيح للحصول على اللقب الذي غاب عن خزانة بلاده لفترة طويلة تجاوزت 40 عاماً.
تأثير ديبو مارتنيز على منتخب بلاده هو صورة طبق الأصل لتأثير حراس كبار سبقوه على مستوى العالم في تحقيق بطولات وإنجازات لأنديتهم ومنتخباتهم، محلياً لن ننسى كيف نقل محمد الدعيع المنتخب إلى مصاف العالمية وهو يدافع عن مرمى «الأخضر» ويذود عنه في تصفيات كأس العالم وكأس آسيا وكأس الخليج وحتى في نهائيات كأس العالم.
ولنا في نادي الاتحاد خير مثال حين غاب سنوات طويلة عن تحقيق بطولة الدوري لكنه عاد وحققها بعد أن وفق في اختيار الحارس الأفضل في الدوري حينها البرازيلي مارسيلو غروهي الذي قاد فريقه نحو تحقيق اللقب الكبير.
من أراد البطولات والإنجازات والتفوق فليبدأ بناء فريقه بحارس مرمى متألق قادر على صناعة الفرق وتشكيل سد منيع عن المرمى.