رؤية 2030 أسست لاستضافة كأس العالم
منذ 10 ساعة (16-01-2025 19:26:42) (رياضة)مع إعلان المملكة العربية السعودية فوزها بملف استضافة النسخة الخامسة والعشرين من بطولة كأس العالم 2034، تجلت ثمرة الجهود المتواصلة ضمن إطار رؤية السعودية 2030، هذه الرؤية الطموحة التي أُطلقت في عام 2016 بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حيث شكلت قاعدة وأساسًا لتحول شامل في مختلف المجالات والقطاعات الموجودة في المملكة بما في ذلك القطاع الرياضي الذي حظي بنصيب وافر من الاهتمام والدعم لما يحمله هذا القطاع من أهمية كبيرة في تعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية، وتعزيز الصحة العامة والرفاهية، وتحفيز الاقتصاد الوطني من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرياضية واستضافة الفعاليات الرياضية العالمية الكبرى والتي تستهدف القطاع السياحي في الوقت نفسه.
خطوة بناء الأساس
حضر القطاع الرياضي كقطاع أساسي ضمن القطاعات المستهدفة من رؤية 2030 حيث ركزت الرؤية منذ انطلاقتها على تطوير القطاع الرياضي كجزء من تعزيز جودة الحياة وتحفيز الاقتصاد الوطني، إذ إن البداية كانت من خلال إطلاق مشروعات ضخمة تهدف إلى بناء بنية تحتية رياضية عالمية المستوى تتناسب مع تطلعات المملكة المستقبلية لهذا القطاع، وكنقطة انطلاق لتحقيق هذا الهاجس أعلنت وزارة الرياضة تعديل مسمى استاد الملك فهد الدولي إلى مدينة الملك فهد الرياضية في شهر نوفمبر من العام 2023، لتقرر الوزارة بعدها إغلاق الملعب للبدء في أعمال التطوير الإنشائية في مرافقه حيث سيتم رفع طاقته الاستيعابية إلى أكثر من 70 ألف مقعد، بجانب إنشاء خمسة ملاعب كرة قدم جانبية، وملعبي تدريب فيفا، وأكاديمية لكرة القدم والعديد من التحسينات على المرافق الخاصة في المدينة الرياضية، لتعلن بعدها الوزارة عن إنشاء عدد من الملاعب الجديدة دعمًا لملف المملكة في استضافة النسخة 19 من بطولة كأس آسيا للمنتخبات حيث تقرر تشييد 3 ملاعب جديدة ملعبين في العاصمة الرياض الأول ملعب استاد الرياض والذي سيتسع لـ40 ألف متفرج، والثاني ملعب القدية الواقع في غرب الرياض بالتحديد في مشروع القدية والذي سيبهر العالم بالتجربة البصرية الساحرة التي سيقدمها للحضور بين جبال وتضاريس متنوعة في قلب الصحراء وستصل سعة الملعب الاستيعابية لقرابة الـ40 ألف مقعد، أما الملعب الثالث سيتم إنشاؤه في المنطقة الشرقية بالتحديد في مدينة الدمام، حيث سيشيد في المدينة الرياضية باسم استاد الدمام، وبطاقة استيعابية تزيد على الـ40 ألف متفرج، لتكون هذه الملاعب أشبه باللبنة الأساسية للبنية التحتية لبطولة كأس العالم والتي سهلت على المملكة استعدادها لاستضافة بطولة كأس العالم، حيث جاءت هذه الملاعب ضمن الملف الخاص بالمملكة في استضافة كأس العالم بجانب العديد من الملاعب الأخرى والتي ستشيدها المملكة خلال السنوات القادمة مثل: استاد وسط جدة، استاد الأمير محمد بن سلمان، استاد روشن، استاد المربع الجديد، ولم تقتصر الجهود في تطوير البنية التحتية للمملكة على إنشاء الملاعب فحسب بل وصلت كذلك إلى تعدد وسائل النقل وتطوير شبكة المواصلات في المملكة من المطارات الدولية والمحلية الموجودة في العديد من المدن إلى القطارات التي كان آخرها شبكة قطار الرياض المؤلف من ستة مسارات رئيسة تربط المدينة ببعضها، بجانب قطار سار ومشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام في الرياض والذي يشمل 85 محطة قطار، 80 مساراً مخصصاً للحافلات البالغ عددها 842 حافلة، والتي سيكون لها 2860 محطة، وكل هذه الأمور التي جاءت ضمن ما خطط له في رؤية 2030 أسست بنية تحتية ستسهل على المملكة استضافة حدث عالمي بحجم بطولة كأس العالم 2034.
بروفات ما قبل الحدث الأهم
تسعى المملكة العربية السعودية إلى تعزيز مكانتها على الساحة الرياضية العالمية من خلال استضافة بطولات رياضية كبرى مثل: السوبر الإسباني والإيطالي، وسباقات الفورمولا 1، إذ يمثل تنظيم هذه الفعاليات فرصة لاكتساب خبرة تنظيمية وتجريب البنية التحتية قبل الحدث الأكبر في عام 2034، كما تُعد هذه الفعاليات وسيلة فعالة لتحسين صورة المملكة عالميًا، والتأكيد على جاهزيتها لاستضافة أحداث رياضية عالمية بحجم بطولة كأس العالم.
وأتاحت استضافة هذه البطولات العالمية الفرصة لتجربة الأنظمة اللوجستية، إدارة الحشود، وضمان الانسيابية في العمليات التشغيلية الخاصة بتلك الفعليات بجانب توفير تدريب عملي للكوادر الوطنية في العديد من التخصصات منها تخصص إدارة الفعاليات، السلامة، الخدمات المتعلقة بالضيافة، وأسهمت استضافة المملكة لمثل هذا النوع من الفعاليات كذلك في تقديم صورة إيجابية عن المملكة كوجهة آمنة ومضيافة، ومركز رياضي عالمي، بجانب تسليط الضوء على التطورات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحاصلة مؤخرًا في المملكة، كما ساهمت في توثيق العلاقات مع الاتحادات واللجان الرياضية العالمية، التي سهلت دعم ملف استضافة السعودية لكأس العالم 2034، إضافة إلى بناء شبكة علاقات دولية مع جهات فاعلة في المجالات الرياضية والتسويقية والتي ستستفيد منها المملكة خلال فترة استضافة بطولة كأس العالم 2034.
وتأتي استضافة المملكة لبطولة كأس آسيا للمنتخبات 2027 كبروفة مصغرة لكأس العالم حيث سيشارك في هذه النسخة 24 منتخباً، وستتوزع مباريات البطولة على 4 مدن سعودية وهي: العاصمة الرياض، الدمام، الخبر، جدة، بينما ستتقاسم 10 ملاعب في هذه المدن حصص مباريات البطولة، وكما ذكرنا آنف سيتم تشييد 3 ملاعب جديدة خصيصًا لهذه البطولة بجانب تطوير عدد من الملاعب الموجودة، وستكون هذه البطولة فرصة للمملكة من أجل تطبيق بعض الأفكار الخاصة باستضافة كأس العالم، بجانب أنها ستكون تحدي ستثبت فيه المملكة جدارتها في استضافة حدث أكبر مثل كأس العالم، وفي نفس العام ستستضيف المملكة بطولة كأس الخليج للمنتخبات الشيء الذي قد يمثل تحديًا للمملكة.
السياحة والاستثمار جزء من قصة النجاح
في إطار هذه الرؤية، برزت الاستثمارات الاستراتيجية التي أجرتها المملكة وسعت خلفها كوسيلة فعالة لتحقيق طموح استضافة كأس العالم، حيث عملت المملكة على استقطاب الاستثمارات العالمية وتوظيفها في تطوير مشاريع بنية تحتية ضخمة، مثل: مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر، اللذين يشكلان وجهتين عالميتين قادرتين على توفير تجربة استثنائية للزوار والسياح، كما جرى تعزيز قطاع النقل عبر شبكات حديثة مثل: قطار الرياض ومشاريع النقل العام، ما يضمن انسيابية حركة الزوار والمشجعين خلال الفعاليات الرياضية وبالأخص بطولة كأس العالم.
كما أن الجهود الاستثمارية التي بذلتها المملكة لم تقتصر على الجانب المادي فقط، بل تضمنت استثمارات رياضية دولية ضخمة أسهمت في رفع مكانة المملكة عالميًا وساهمت في بناء سمعة رياضية عالمية للمملكة، ومن صور الاستثمار الرياضي التي نفذتها المملكة ضمن مخططات رؤية 2030 شراء أندية رياضية عالمية وذلك لتعزيز العلامة التجارية للمملكة في المجال الرياضي سواءً عبر الصندوق السيادي السعودي أو الأموال الشخصية الخاصة، ويأتي استحواذ صندوق الاستثمارات العامة السعودي على نادي نيوكاسل الإنجليزي في يوم 7 أكتوبر من العام 2021 كأهم استثمار أجرته المملكة في الأندية العالمية، كما أن هناك نادي شيفيلد يونايتد الإنجليزي لمالكه الأمير عبدالله بن مساعد، ونادي ألميريا الإسباني لمالكه معالي المستشار تركي آل الشيخ، وكذلك لا يمكن أن يغيب عن الذكر الاستثمار الذي أجرته المملكة في الدوري السعودي وذلك بتطوير الدوري عبر استقطاب نجوم عالميين، ما أضاف للدوري شعبية عالمية وسلط الأضواء على البنية الرياضية المتقدمة في المملكة.
الطريق إلى 2034
مع تحقيق المملكة لهذا الإنجاز الكبير باستضافة كأس العالم 2034، أثبتت المملكة بما لا يدع مجالًا للشك أن رؤية السعودية 2030 كانت أكثر من مجرد خطة، بل هي خارطة طريق لتحويل الأحلام إلى واقع يعيشه الشعب السعودي، والأكيد أن الطريق إلى كأس العالم سيكون مليئًا بالتحديات التي ستكسبها المملكة بفضل التخطيط الاستراتيجي والرؤية الواضحة، التي تجعل المملكة مستعدة لتقديم نسخة استثنائية من بطولة كأس العالم.