سوريا إلى أين؟.. حوار مع كبار المفكرين في «إضاءات»
منذ 15 ساعة (28-12-2024 13:47:36) (سياسة)
احتضن الصالون الثقافي «إضاءات» ندوة فكرية جمعت نخبة من المفكرين والمثقفين البارزين، حيث تركزت النقاشات حول مستقبل سوريا، القضية التي تشغل الرأي العام العالمي وتلامس وجدان المصريين، مسلطة الضوء على التغيرات الجوهرية والتحولات الكبرى التي رسمت ملامح جديدة للمشهد السوري منذ طي صفحة حكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد.ونظم المهندس أحمد العصار، مقدم برنامج «حوار عن قرب»، الصالون الثقافي «إضاءات»، الذي شهد حضور نخبة من المفكرين والمثقفين البارزين، وكان من بين الحضور، المفكر السياسي الدكتور مصطفى الفقي، ومساعد رئيس الجمهورية الأسبق الدكتور سمير مرقص، ورئيس مجلس إدارة «أخبار اليوم» الأستاذ إسلام عفيفي.كما شارك في الصالون الثقافي «إضاءات»، المطرب محمد ثروت، ورئيس لجنة الاستثمار بالحوار الوطني الدكتور المهندس سمير صبري، والمهندس علي إحسان بكر، نائب رئيس مجلس إدارة إحدى شركات البترول العالمية سابقًا وخبير الطاقة، كما حضرت المهندسة سالي متولي، الرئيس التنفيذي لتطوير الأعمال بإحدى شركات التدريب الخاصة، والمهندس خالد السيد، مؤسس ومدير عام لأحد مراكز الدراسات الاستراتيجية.• الإسلام السياسي في سورياافتتح د.مصطفى الفقي الندوة بالترحيب بالحضور، ثم تحدث عن تأثير ظاهرة الإسلام السياسي على الوضع الراهن في سوريا وعلى توازن القوى في المنطقة، قائلا إن ظاهرة الإسلام السياسي كانت وما زالت تمثل معضلة كبرى للغرب، خاصة في الدوائر الفكرية وصنع القرار، حيث أعرب الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عن هذه الأزمة بسؤاله الشهير: "لماذا يكرهوننا؟"، وبيّن الفقي، أن جذور هذا الشعور تنبع من سوء الفهم المتبادل بين الشرق والغرب، إضافة إلى تراكمات الماضي المرتبطة بفترات الاستعمار والتدخلات الغربية المتكررة.وأشار د.الفقي إلى أن جماعة الإخوان المسلمين نشأت عام 1928 بعد أربع سنوات فقط من سقوط الخلافة العثمانية، في وقت كانت فيه الأمة الإسلامية تبحث عن قيادة جديدة، ولفت إلى أن هذه الجماعة لم تكن الوحيدة التي استندت إلى الدين كأساس أيديولوجي، فقد نشأت الحركة الصهيونية قبلها بسنوات مستندة إلى الدين اليهودي، ما يعكس تشابهًا في النهج رغم اختلاف العقائد.وأوضح د.الفقي أن الإدارات الأمريكية منذ وقت طويل بدأت تفكر بشكل جاد في كيفية التعامل مع الحركات الإسلامية، وهو ما تجلى بوضوح خلال فترة حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، فقد تبنى أوباما استراتيجية تقوم على فكرة أن مواجهة الحركات الإسلامية لا يمكن أن تنجح إلا من خلال قوى إسلامية معتدلة، ما دفع الإدارة الأمريكية حينها إلى دعم تيارات إسلامية وصلت إلى الحكم في بعض الدول.وتحدث د. مصطفى الفقي في الندوة عن كواليس خطاب أوباما للعالم الإسلامي، مشيرًا إلى أن أوباما كان يعتزم توجيه خطابه من البيت الأبيض، إلا أن مستشاريه نصحوه بأن يكون الخطاب من أرض إسلامية لإضفاء تأثير أكبر، وتباينت الاقتراحات بالبيت الأبيض، فالبعض رأى أن تكون الدار البيضاء خيارًا مناسبًا لكونها آخر بلد في العالم الإسلامي على المحيط الأطلسي، فيما اقترح آخرون أن يكون الخطاب من جاكرتا، عاصمة إندونيسيا، نظرًا لأنها تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم، ولأن أوباما قضى جزءًا من طفولته فيها.واقترح ثالث مدينة «جدة» في السعودية، لقربها من الحرمين الشريفين، ووسط هذه النقاشات، طرح أحد المستشارين رأيًا حاسمًا: "لا صوت يعلو فوق الأزهر الشريف"، مبررًا بأن الأزهر هو أكبر مركز للسنة، وهم يشكلون الأغلبية في العالم الإسلامي.• كيف استغلت إسرائيل الوضع السوري لتوسيع نفوذها؟أوضح د. مصطفى أن الولايات المتحدة كانت تعتبر الحركات الإسلامية المتطرفة تهديدًا مباشرًا لها، مما دفعها إلى رفض أي نوع من التفاوض أو التعاون مع هذه الجماعات. على النقيض، تبنت إسرائيل سياسة أكثر مرونة، حيث كانت تشير إلى أنه يمكن التعامل مع هذه الحركات، وإذا تعذر ذلك، يتم اللجوء إلى أساليب أكثر قسوة. من خلال هذه الفجوة في المواقف، بدأت محاولات لاختراق هذه الجماعات من خلال دعم وترويج تيارات الوسطية والاعتدال داخلها.وقال د. الفقي، إن الوضع في سوريا خطير، معتبرًا أن إسرائيل تسعى لاستغلال هذا الوضع للهيمنة على العالم العربي، معتبرا أن الجائزة الكبرى التي تطمح إليها إسرائيل هي مصر، رغم صعوبة السيطرة عليها.وأشار د.مصطفى، إلى أنه لا يتوقع ظهور رئيس أمريكي ينحاز للعرب، فالموقف الأمريكي منحاز لإسرائيل تاريخيًا، واستشهد بتصريحات ترامب حين قال: "لو لم تكن إسرائيل موجودة، لاخترعناها"، وبايدن الذي أخبره والده أنه "لا حاجة لأن تكون يهوديًا لتكون صهيونيًا".ثم علق د. سمير مرقص على حديث د. مصطفى الفقي، مشيرًا إلى أهمية النقاط التي تناولها، وأضاف ملاحظات بشأن الوضع في سوريا:حيث أشار د.سمير مرقص، إلى أن الإسلام السياسي في مصر حاول الاندماج في إطار الدولة الوطنية، بينما في سوريا كان الهدف هو إسقاط الدولة بالكامل، وأوضح أن الإشكال لا يكمن في شخص بشار الأسد رغم قسوة نظامه، بل في تدمير الدولة السورية نفسها، وهو ما قد يؤدي إلى إحلال نظام إسلامي سياسي بديل، وهو تحول خطير.وأكد د.مرقص، أن إعلام الإخوان ركز في الفترة الأخيرة على تشويه تاريخ دولة محمد علي وفكرة الدولة الحديثة في مصر، وهو أمر يثير قلقه الشخصي ويعتبره تهديدًا للفكرة الوطنية.رد الدكتور الفقي معتبرًا أن استهداف الدولة الحديثة في مصر يأتي في سياق محاولات لزعزعة استقرارها وتقويض أسسها الوطنية.• ما دور مصر الدبلوماسي في المنطقة؟من جانبه، تحدث رئيس مجلس إدارة "أخبار اليوم" الكاتب الصحفي إسلام عفيفي عن الأزمة السورية، مشيرًا إلى أن تركيا بدت وكأنها تسعى لتقديم نفسها كداعم رئيسي للإدارة السياسية المستقبلية في سوريا بعد انتهاء حكم الأسد، مع وعود بإعادة بناء الجيش السوري وإعادة هيكلة الدولة السورية.وسأل الكاتب الصحفي، إسلام عفيفي الدكتور الفقي عن نصيحته بشأن تعامل مصر مع الأزمة السورية، مشيرًا إلى نجاح مصر في مواجهة الإرهاب بسيناء ودورها الدبلوماسي والإنساني الممتد في غزة؟بدوره، أجاب د. الفقي مؤكدًا أن مصر يجب أن تتجنب فتح جبهات جديدة من التوتر، مشددًا على أهمية التمسك بالثوابت العربية كوسيلة لتعزيز مصلحة مصر والحفاظ على استقرار المنطقة.• الإعلام المزيف والأزمة السوريةمن جهته، أشار المهندس خالد، على أن الحوار هو بداية الطريق نحو التفاهم، مؤكدًا أن مصر كانت دائمًا في صدارة المشهد العربي، وأوضح أن الحروب الحديثة تعتمد بشكل كبير على تزييف الوعي، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصدرًا رئيسيًا للمعلومات، ما أدى إلى ما يُسمى "عصر ما بعد الحقيقة"، حيث أصبحت الحقائق تختلف من شخص لآخر، وأضاف أن شخصية أحمد الشرع تمثل نموذجًا مصطنعًا بوضوح، وأن الشعب السوري هو الضحية الحقيقية في هذه الأزمة. وختم المهندس علي إحسان بكر، بسؤال للدكتور مصطفى الفقي حول مدى استفادة إسرائيل مما حدث في سوريا، وما إذا كان هناك تنسيق بينها وبين هيئة تحرير الشام، فرد د. الفقي بأن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من الأحداث، لكنه استبعد وجود اتصال مباشر مع إسرائيل، مرجحًا أن شخصيات أخرى غير معروفة هي التي لعبت دورًا في توجيه الأوضاع لصالحها.